أجاب الرائد يوسف قائلا :
ــ فهد ... أنت متهم بخطف الإخت مريم وتزوير أوراقها الرسمية .. باسم وفاء ...
ـولكن فهد أخذ يصرخ ويردد ..
ــ كذب ..كذب ... من قال لكم ذلك ... إنها زوجتي وفاء ... وهذا ابننا خالد...
فأجابه الرائد يوسف ...
ــ حاول أن تقنع المحكمة بادعائك هذا ...
وسحب الرجال الثلاث فهد نحو باب المنزل وهو يقاومهم وابنه خالد يبعدهم عنه وهو يبكي بأعلى صوته ...
ــ أبي ...أبي .... أين يأخذونك ... ومن هؤلاء ... فأجابه فهد ..
ــ لا تخف حبيبي ..لا تبكي أرجوك ... كلها دقائق وسأعود الى المنزل ..
وارتمى الطفل خالد ذات التسع سنوات على الأرض يبكي بحرقة وهو يقول :
ــ لا تأخذوا أبي .. أرجوكم ... أبي ... أبي ... لا تتركني .. ألا يكفي تركَتْنِي أمي !!!
وأخذ خالد يجهش بالبكاء ..ويردد ...
ــ أمي ... أمي ... لماذا تركتني ورحلتي ... ألا تدركين إنني لا احتمل فراقك .. أمي ... أنا بحاجة إليك ..أمي ...
هنا تمزق قلب وفاء على حالة الطفل خالد ... ونزلت دموعها تعاطفا مع حالته .. واقتربت منه تحاول تهدئته ... ولكن ما أن اقتربت ..حتى صرخ بوجهها ...
ــ ابتعدي عني أنتِ لستِ أمي ... أنا أكرهكِ ... أكرهك ....
فأجابته ...
ــ اهدأ يا خالد ... أنا اعرف بأنني لست والدتك ... ولا ذنب لي .. فهذا والدك ..هو من أجبرني للعيش معكم هنا ... وأجبرني أن أجسد دور والدتك وفاء ...
فهدأ خالد قليلا وقال ...
ــ نعم ..نعم ... أنتِ على حق ... وسكت قليلا ثم قال ...
ــ لقد دار شجارٌ كبير بين أمي وأبي ...واشتد غضب أبي ... ودون وعي ضربها ودفعها بعيدا عنه ... فسقطت على الأرض وارتطم رأسها بحافة الطاولة الزجاجية ... ففقدت وعيها ..
وما هي إلا لحظات .. حتى فارقت الحياة .. فعاد أبي إلى رشده وأدرك أنه قتل والدتي ..... وطلب منى الالتزام بالصمت لأن الحديث في هذا الموضوع قد يجعلني أفقد أبي أيضا ... فقرر أن يدفن والدتي دون أن يعلم أحدا عن وفاتها
وبعد يومين من وفاة والدتي .. وأثناء ذهابنا إلى المقبرة .. لزيارة قبر والدتي كان أبي يقود سيارته وهو متوتر ويفكر بما آلت إليه الأحداث ... ولم يكن منتبهًا للطريق ... وفجأة ..سمعنا صوت جسم يصطدم بمقدمة السيارة .. فتوقف أبي .. ونزل مسرعا ... ليتبين الأمر ... وإذا بكِ أنتِ وقد أغمى عليك والدماء تنزف من جسدك ... المحطم ... وفجأة لمحتُ أبي يضحك وسط ذلك المنظر المحزن والمخيف ... فقال ...
ــ خالد .. ولدي ... أبشر ..وجدتُها ..وجدتُها ...
وحملكِ مسرعا .. إلى المستشفى ... وأدخلك وهو يلهث ويرفع صوته طالبا المساعدة ..
وسمعته يقول للدكتور أحمد .. هذه زوجتي ... لقد صدمها أحدهم بسيارته وهرب ... أرجوك أنقذها ..وأخذ يبكي بكاءً مصطنعا .. وأنا في دهشة من أمر أبي وتصرفاته التي لم أفهمها .. وما أن أخرجوكِ من غرفة العمليات
حتى دار حديث هامس بين أبي والدكتور ... فلمحتُ حزنًا شديدًا رسمه أبي على وجهِه .. ليقنع الدكتور بأنه زوجك بالفعل .. وسمعت الدكتور يقول ..
ــ لا داعي لوجودكما الآن في المستشفى... اذهبا إلى المنزل .. وغدا إن شاء الله نتبين حالتها ... إما أن تستقر ... أو تحتاج إلى عملية أخرى ...
وصعدتُ السيارة مع أبي وأنا لا زلت مذهولا من تصرفاته .. أنتظرُ التوضيح ... ولم يُطِلْ أبي السكوت ... بل أسرع في الشرح قائلا ...
ــ ابني خالد ... ركز على ما سأقوله لك الآن ... فما سأقوله الآن يتوقف عليه مستقبلنا معا ...
إن المرأة التي صدمتُها ..تشبه والدتك كثيرا ... وبما أن لا أحد يعلم بوفاة والدتك إلى الآن ... قدمت تلك المصابة للدكتور على أنها والدتك ...وغدا سأجلب أوراق والدتك الرسمية .. ليضعونها في ملف المصابة...
أنت تعلم يا بُني ... نحن نادر ما نزور أهلي واقاربي ...و أهل والدتك يعيشون خارج الكويت ..لذا لن يشعر أحد بما حدث ...
وهنا سألتُ والدي سؤالا... شعرت أنه جدا مهم ..
ــ أبي ...
ــ نعم ...
ــ أبي ... وإن فاقت المصابة واعترفت بالحقيقة ... ماذا نفعل!!؟؟ ...
ـ.............. يتبع
عزيزي القارئ سؤال خالد مهم ... قد يكون ورد في ذهنك .. لن أطيل عليك الانتظار ... ففي الجزء الثامن والأخير ستعرف الإجابة
