تحدثت وفاء لأول مرة منذ دخولها المنزل .. ورفعت صوتها بفرح ...
قائلة :
ــ أنظر ... أنظر جيدا ... في وجه زوجتك ... هناك وحمة على أنفها ... ألم تلاحظ .. بينما أنا أنفي لا يوجد أي علامةٍ عليه ... إذا أنا لست زوجتك وفاء ...
فضحك فهد قائلا ...
ــ حبيبتي ... يا حياتي ... ألا تتذكرين؟ .. عندما أَلَحّيْت ِ علي أن أذهب بكِ إلى عيادة بو شهري الخاصة لعمليات التجميل لكي تتخلصي من تلك الوحمة ... ولم تأخذ منك العملية سوى يوما واحدا ... ثم عدتِ إلى المنزل سعيدةً بمظهركِ الجديد ... للأسف لم ألتقط لكِ صورة في يومها ... لكانت دليلا على كلامي الآن ...
عاد اليأس إلى قلب وفاء من جديد .. بعد أن اعتقدت أنها نفَذَتْ من سجن الذاكرة .. ولكن خيب ظنها حديث زوجها فهد ...
اقتربتْ من النافذة التي تطل على النادي العربي ... فقال لها...
ــ ألا تتذكرين .. حين تكون هناك مباراة .. يهتز منزلنا بصرخات المشجعين ... وكنت تقولين وأنتِ تضحكين ..
ــ فهد استطيع أن أرى المباراة من خلال التلفاز ..... واسمع صوت التعليق والجمهور من النافذة ..وتتعالى ضحكاتنا ... ألا تتذكرين؟؟؟ ...
كانت كل محاولات فهد لا تحرك مقدار شعرةٍ من ذاكرة وفاء ...
جاء ابنها خالد واحتضنها بقوة .. ولكن نظرت إليه بهدوء تتساءل في نفسها
ــ لماذا لا أشعر اتجاهه بأي عاطفة أو انجذاب !!! ... هل حقا فقدان الذاكرة يفقدنا المشاعر والأحاسيس ؟؟؟
ورفعت وفاء راية الاستسلام .. وبدأت تتكيف مع حياتها الجديدة وتقبّلَتْ وجود فهد بالقرب منها ... وأخذت تتعاطف مع ابنها خالد ..
ومع مرور الأيام لاحظت وفاء أن زوجها فهد ..لا يترك لها فرصة للاحتكاك بالجيران ... ولا باستخدام الهاتف ... بحجة أنها لا تزال تعبة ولا يريدها أن تبذل جهدا مضاعفا لمحاولتها استرجاع ذاكرتها بسرعة ...
فعلى حد قوله ... أمامنا العمر طويلا.. فخذي راحتك باسترجاع ذاكرتك .... وإن خرج معها لمكانٍ ما .. لازمها أينما تكون ... ولا يتركها لوحدها دقيقة واحدة ...
أقنعت وفاء نفسها أنه لفرط ما يحبها ويعشقها يتمنى أن يكون بقربها دائما ... وقد يكون ذلك أسلوبه للتعبير عن مدى حبه وخوفه عليها وعلى صحتها
وذات مساء.. وبينما وفاء تستعد للنوم ... سمعت بكاء ابنها خالد ... فذهبت مسرعة إلى غرفة ابنها لتتبين سبب بكائه ...ولكن ...
ما إن اقتربَتْ من باب الغرفة حتى سمعت زوجها فهد يتحدث مع ابنها قائلا ...
ــ ما بالك يا خالد .. لما كل هذا البكاء؟ .. فسمعت خالد يقول ...
ــ أبي ... اشتقتُ لأمي ...
تلك العبارة كانت لوفاء بمثابة زلزال ضرب بسمعها وفكرها !!!
ــ ماذا ؟؟؟ يشتاق لأمه !! ... إذا أنا لست بأمه !!! ....
فاقتربت أكثر لتسترق السمع .. وتحاول أن تعرف جواب أبيه ..
فسمعت فهد يقول ..
ــ كفاك بكاء يا خالد ... وإلا اكتشفت تلك المرأة أمرنا ... عليك أن تتقبلها كأمك ... و أنا أراها طيبة القلب .. هادئة ... صدقني يا خالد ستعتاد عليها مع الأيام ...
كانت تلك الجمل .. كسكين حاد .. وجهتْهُ كلمات فهد نحو قلب وفاء ... فزادت من ضربات قلبها خوفا ورعبا مما تسمعه .. عادت إلى غرفتها مسرعة ... وأسئلة كثيرة تحوم في ذهنها
... من هذا الرجل الذي يدعي أنه زوجي؟ ... ولماذا يحاول إقناعي بأنني زوجته؟ ... وأين زوجته الحقيقية؟ ... ما السر الذي يخفيه هذا الرجل ؟؟؟ والكثير من الأسئلة المرتبكة التي أخذت تتخبط بعضها ببعض ...
كان لابد لها أن تبحث عمن يستطيع مساعدتها في مثل هذا المأزق ...
ولكن كيف ؟؟؟ ...
والمدعي زوجها ..يمنعها من استخدام الهاتف ... بل لا يوجد أصلا هاتف في المنزل ... ولا تستطيع أن تخرج لوحدها فزوجها يلازمها أينما تذهب .. وإن استطاعت الخروج ..أين ستذهب ومن سيصدق حديثها ؟؟؟ فما الحل ؟؟؟؟
جلست على سريرها وأخذت شهيقا طويلا ومن ثم زفير بطيء حتى تَهدَأُ أعصابُها ... وتقل حدة التوتر لديها ... وتتمكن من التفكير بهدوء ... كيف تتصرف لتصل لمن يساعدها ...
هنا خطرت في ذهنها فكرة أدركت أنها الحل الوحيد .................يتبع
عزيزي القارئ ... لو كنت مكانها ..كيف تتصرف ؟؟؟
قد يكون رأيك على صواب .. وتساعد وفاء بالخروج من مأزقها ...
